في محادثة تليفونية طويلة مع الصديقة التي أحب، سألتني فجأة: لم أسألك من قبل عن نوعك المفضل من الرجال؟ عما تبحثين؟ أو عمن؟ صدمني السؤال الذي لم أفكر به من قبل، أو لم أجرؤ على التفكير به من قبل. أنا التي اعتدت، كالكثيرات على تقبل الحب كمنحة، لا يصح أن أدقق بمواصفاتها كي لا أكون مثل الشحاذين فارغي الأعين.
لم أفكر أبدًا وأنا في السابعة والعشرين من عمري في شكل الحب الذي أستحق. في الرجل الذي أبحث عنه. رغم أنني كنت أفكر طوال الوقت في الرجل الذي يجب أن أهرب منه.
بعد صمتٍ لم يطل كثيرًا فوجئت بنفسي أجيبها بأنني أبحث عن أذن. عن رجلٍ ينصت إلى في كل مرة باهتمامٍ شديد وكأنني ألقِ الخطبة التي أعلن فيها موعد نهاية العالم.
أخبرتها أنني ممن يؤكلون من أذنهم، بإمكان كلمة أن تأسرني وبإمكان أخرى أن تبعدني إلى آخر الأرض.
اكتفيت وقتها بهذه الإجابة لكنني عرفت أنني بحاجة إلى التفكير أكثر في الحب الذي أستحق، وليس الحب الذي أتلقاه!
الآن وبكل وضوح أدرك أنني أستحق فعلاً رجلاً يشبه "الحضن"، يتسع كله وليس قلبه فقط للكلمة التي أقولها، للغضب الذي أحمله، للبراكين التي تثور في قلبي والجنة التي أخبئها خلف بابه. أستحق رجلاً لا أخفى منه ندوبى ، لا جرح الرابعة ولا السنة المكسورة. أستحق حُبًّا يجعله يرى ندوبى علاماتٍ مميزة.
أستحق حُبًّا لا يتطلب مني أن أفقد عفويتي، ولا يضطرني لممارسة ألاعيب النساء كي أحتفظ به. أستحق حُبًّا يجعلني أشعر بالراحة، بالأمان والاطمئنان لا يكون مصدر قلقي الدائم.
أستحق ألا أضطر لقضاء الليل ألعب بحروفه الكلمات المتقاطعة كي أستخرج منها كلمة انتظرتها طويلاً ولم ينطقها، أو إشارة طمأنينة لم يجد بها عَلَى.
أستحق حُبًّا لا يستطيع إخفاءه. حُبًّا واضحًا وبسيطًا لا يحتمل التأويل أو التفسير أو التفتيش في ما وراء الكلمات.
أستحق رجلاً يستحق كل هذا الحب في داخلي. يستحق أن أدون له كل ليلة رسالة، أن أبكى لأجله في الغياب. أن أشتاقه ، أن أدلله، أن ينام قرب قلبي كل ليلة ويزورني في أحلامي، أن أستمع لأجله لكل الأغنيات التي يخفق قلبي لها، وأهديه أحلاها.
أستحق رجلاً يستحق أن أكون إيزيسه. أن ألملم شتات روحه ولو ألف مرة ولا أتعب. أستحقه يراني كذلك، فلا ييأس، لا يخجل أن يلجأ إلي ويطلب ترميمه. وألجأ إليه ويرممنى .
أستحق رجلاً أتذكره وأبتسم كلما رأيتُ اللوحة التي أحبها، لتلك التي تختبئ بين ضلوعه وتنام. وليقيني به أطبعها بالحجم الكبير وأغلفها بعناية لتكون أول لوحة أعلقها على جدران بيتنا.
أستحق رجلاً يستحق كل لقطات الأفلام وأبيات الشعر والاقتباسات التي أحببتها عن الحب وتمنيتُ لو أجد من أهديه إياها يومًا دون ذرة شك واحدة داخلي بأنه ليس تمامًا كذلك. أبحث تحديدًا عمن أهديه ذلك الاقتباس من الفيلم الذي لا أذكره، لكن الفتاة ذات العينين الساحرتين والوجه البريء والتاج على رأسها قالت فيه "أحبك لأنك الوحيد الذي رآني وأنا غير مرئية".
0 تعليقات