استوقفتني هذه الصورة كثيرًا يا "رفعت". انقبض قلبي حين رأيتها ليس فقط لأنني اعتبرتها مؤلمة، ولكن لأنني لم أرها كالكثيرين، تعبر عن المساندة والثقة. رأيت يداه اللتان "تلصمانها" قاسيتين يا "رفعت"، لا تسمح لها بأن تستريح. تشبه تمامًا تلك القسوة التي يرتكبها بحقنا أولئك الذين يحبوننا، ولا نملك ألا نغفرها لهم.
قسوتهم حين يجبروننا بمساندتهم مرة، وبخوفنا من خذلانهم مرة، على أن نواصل المشي بكل هذه الأوجاع التي تثقلنا، نخشى أن ننهار فنفزعهم، يخشون أن ننهار فيسندوننا في اللحظة الأخيرة، وكل ما نحتاجه نحن أن نستريح قليلًا ولو بالسقوط أرضًا.
مر ببالي الكثير من الكلام حين رأيتها، ولكن لأنني الآن لا أملك رفاهية أن أكتب ما أريد وقتما أشاء، نسيته كله، وكل ما أذكره هو أنها تمثلني بشدة.
كل صباح، أخوض حربًا مع كل خلية في جسدي، أجبرها أن تطيعني ونواجه هذا العالم ليوم آخر، وكل ما أحلم به هو إغماءة طويلة تعفيني من التفكير واتخاذ القرارات وحسابات العواقب. كل ما أحلم به أن أنكسر يا "رفعت"، ألا أكون بهذه القوة/ أو الهشاشة! ألا أمشي إلا على ساقٍ قوية متعافية، ولا أضطر للمشاركة في هذا الماراثون اللاهث بجبيرتي.
كل ما أتمناه يا "رفعت"، هو أن أغادر منطقتي الرمادية التي لا تقودني في النهاية إلا إلى مزيد من الحيرة والكآبة. الرمادي يكسو حياتي كلها لدرجة أنني عاجزة عن تحديد حتى أبسط الأشياء التي كانت يومًا ما بديهية بالنسبة لي. كل يوم أتساءل هل فعلًا أحب ما أحب وأكره ما أكره؟ هل أنا تعيسة حقًّا؟ هل أنا سعيدة؟ هل أفعل ما أريده حقًّا أم ما أقنع نفسي أنني أريده؟ هل أمشي في الطريق الذي حلمت به أم الذي توهمت أنني أحلم به؟
أشباه الأشياء تفسد حياتنا يا "رفعت". حياتنا كلها أشبه بعبوة اللبان رديء الصنع الذي يبيعونه في المترو بربع ثمن عبوة اللبان الأصلية، يطابقه تمامًا إلا من اختلاف طفيف في طريقة كتابة الاسم أو حروفه ليهرب صانعوه من المساءلة. يشتريه البعض ويظنوا أن كل اللبان مثله تمامًا، قطعة مطاط يختفي طعمها وسكرها بعد بضع دقائق وتسبب ألمًا في الفم لأنها متجلدة. يكرهونه أو يفقد لذته ومعناه بالنسبة لهم لأن كل ما يعرفونه هو النسخة رديئة الصنع!
****
حين أرجوك أن تساندني..
لا تحملني أنت..
لا تمد يديك لتمنعني من السقوط..
ولا تتخوف كل هذا العبء..
كل ما أرجوه أن تتركني أسقط..
وتظل هنا..
تطمئنني..
تربت عليَّ بحنان..
تخبرني أنه لا بأس..
لن ينهار العالم..
لن تنهار أنت..
لن أفقد كل أحبتي..
لو فقط.. استرحت للحظة
24 Jan. 2016
0 تعليقات