هذا ليس عدلًا يا "رفعت".. أسوأ ما يحدث في حياتي هو ما لخصه "عماد أبو صالح" حين كتب "كنا نمسح دموعنا ونقول : "لايهم حين نكبر سنكسرهم أيضًا".. إلا أنهم وحينما تأتينا الفرصة المناسبة ينكسرون من تلقاء أنفسهم". أغلب من أساءوا لي حين حانت لي الفرصة للرد عليهم كانوا أضعف من أن يمكنني أن أقسو عليهم..
يرى البعض في هذا عدالة من السماء وردًا من الله على ما ارتكبوه بحقنا دون أي تدخل منا. ولكن هذا الغضب المكبوت داخلي لا يسكته ضعفهم! المرارة لا تزال بحلقي ورغبتي في انتزاع حقي بنفسي تحرقني من داخلي.
أسوأ ما يفعله من يسيئون إلينا يا "رفعت"، هو حنانهم، أو تظاهرهم بالحنان. هو ليس اعتذارًا كي يبرد قلوبنا، ولا هو المزيد من القسوة التي تجعل رصيدهم لدينا ينفد تمامًا فنثور عليهم ونصارحهم بكل ما أوجعنا. هذا التأرجح بين القسوة والحنو يضيع أعمارنا في الحيرة يا "رفعت"، ولسنا أنانيين بما يكفي لنفعل ما يريحنا بغض النظر عن مدى قسوته على الآخرين.
أحيانًا أكره الطيبين يا "رفعت". تستفزني طيبتهم التي تمنعني من مصارحتهم بما يوجعني، بأخطائهم الغبية التي تتكرر ولا يمكنني أن أضع لها حدًا لأنني كلما شحذت قسوتي وغضبي لأواجههم يستقبلونني بوجه طفل لا يمكنني أبدًا أن أصفعه بكلامي!
كتب "عماد أبو صالح" أيضًا: "المنسي، الصعب، الحتمي هو أن تكره الأم. حبل الحنان الذي يلتف كحيّة حول رقابنا. القاتلة المحترفة بسلاح الحب. الكيان الهش الذي يسحقنا بضعفه ونرتعب طول الوقت من أن نرد أذاه فنكسره" هذا تحديدًا ما أشعر به تجاه الكثيرين يا "رفعت"، أكره هشاشتهم المعلنة والواضحة والتي تستجديك أن تحتملهم لأنك أقوى وأعظم. فيما تتأمل أنت هشاشتك الداخلية ولا تعرف هل تلعن تخاذلهم تجاه نفسهم أم قسوتك على نفسك.
أكره هؤلاء الذين يحملون طول الوقت لافتة "قابل للكسر" ويطلبون منك في كل لحظة أن تنتبه إليها، بينما هم يجرحونك بخناجرهم، وإن تذمرت يذكرونك أن قواعد اللعبة واضحة من البداية. هم أعلنوا شروطهم بينما أنت لم تعلن، فلتبتلع سخطك وتتحمل في صمت.
أحيانًا أشعر يا "رفعت"، أنهم أقوى مني. أنهم يمتلكون من الشجاعة ما يكفي لكشف هشاشتهم بهذا الوضوح ومواجهة العالم بها، بينما أحاول أنا إخفائها وإنكارها كوصمة فأحمل عبئها مرتين.
16 May 2016
0 تعليقات