قلتُ من قبل يا "رفعت"، إن أسوأ ما يحدث في كوابيسي هو أن ينحبس صوتي وأجد نفسي عاجزة حتى عن الصراخ. أن أرى كل هذا الخوف وحدي وأعجز عن أن أحكي للناس عنه.
أفكر منذ يومين في هذا الشعور يا "رفعت". هل ما يرعبني ألا يفهمني الناس؟ ألا يدركوا ما أعانيه فلا يساعدونني! أم ما يرعبني هو ذلك الشعور بالعجز؟
أكره الشعور بالعجز يا "رفعت"، وألعنه ألف مرة. فهمت مرارًا ما قاله دنقل: "حين ترينني عاجزًا.. تمني لي الموت فهو رحمتي الوحيدة"، أذكر تلك المرة حين ازداد وزني بشكل ملحوظ ومزعج بالنسبة لي. كنت أعرف أنه ازداد، وأسمع ملاحظات أمي بأنه ازداد، وأشعر بالغضب لأنه ازداد، وبالجنون لأنني عاجزة عن فقدان جرام واحد!
أفكر بتلك الأيام التي كدت أجن فيها لأنني عاجزة عن منع عقلي من التفكير في أمرٍ ما. عاجزة عن إيقاف هذه التروس التي تهدر بجنون في عقلي حتى أتخيل أنها لفرط جنونها ستفلت وتدمر جمجمتي.
أذكر تلك الليالي الطويلة التي سهرت فيها أحاول استعادة القطة من سطح البيت، ألعن عجزها عن سماعي وعن فهمي وعن الاطمئنان للمعبر الآمن الذي أمده إليها لتصبح بأمان، وألعن عجزي عن التوقف عن التفكير في ضرورة مساعدتها! أنا أخاف العجز يا "رفعت".. العجز هو أسوأ كوابيسي!
هل حكيت لك عن كوابيسي من قبل يا "رفعت"؟ أنا أتمتع بخبرة طويلة فيها حتى أنني في بعض الأيام أفتقدها. كان الخوف من أن ينسوني ويتركوني ورائهم هو أول كوابيس الطفولة. ربما كان يعكس شعورًا ما بالإهمال بأنني هامشية وأنه من السهل أن يحدث أي شيء دون أن يلحظ أحد غيابي.
كان هذا الكابوس يتكرر يوميًا حتى أنه لم يعد مخيفًا. يرحل الجميع ويتركونني في البيت الذي لم أحبه أبدًا وحدي، وأحدهم يطاردني بسكين الفاكهة الخضراء التي لم أحبها أبدًا. وأنا محاصرة هناك في ذلك الشارع الذي يمثل في عقلي الباطن المنفى.
في أيامٍ أخرى يا "رفعت"،كان الكابوس هو أنني خرجت من البيت فعلًا وأعجز عن العودة إليه مجددًا، ذلك البيت المقبض الذي لا أحبه كان يتحول إلى حلم لي أبذل الكثير من المجهود والمغامرة كي أدخله.
أما الكابوس الذي لا يزال يلاحقني حتى الآن، هو الغرباء الذين يحاولون اقتحام البيت ويفلحون في ذلك فعلًا وأحاول أن أختبئ في كل بقعة فيه وأستيقظ في كل مرة وهم على بعد خطوات مني.
أتذكر الآن يا "رفعت"، الكابوس الأسوأ لي. كنت أحلم مرارًا بأن هؤلاء الذين أعرفهم ليسوا هم من أعرفهم. وأن كيانًا غامضًا ومخيفًا يسكن أجسادهم. كان الكابوس قاسيًا لدرجة أنه يفجعني في أقرب المقربين مني، أتذكر حتى الآن شعوري بالرعب وأنا أكتشف في الحلم أن أختي ليست أختي ولا أمي ولا أخي، كان الكابوس يزعزع بكل قسوة آخر خطوط أمانيّ!
أذكر كابوس السقوط يا "رفعت"، والتشبث بأحبال الغسيل المهترئة. مرة أنجو ومرة أسقط ومرات أظل عالقة في المنتصف مرعوبة حتى من أن يمسني الهواء ويدفعني للسقوط وأتذكر أن هذا كان أقسى كثيرًا من السقوط الحقيقي.
أتذكر أيضًا كوابيس موتي. كان أكثر ما يوجعني هي تلك اللحظات الأولى بعد أن أفارق الحياة. حين أسمع كل ما يدور حولي وأعجز عن الكلام وعن الرد، أو حتى عن البكاء عليّ!
أذكر الأقسى، ذلك الكابوس المركب لرحيل من أحبهم. الليلة الأولى بعد رحيلهم، حين أنام وأحلم بأنهم لا يزالوا هناك، وأبكي طويلًا حين أستيقظ لأجده مجرد حلم وأنهم رحلوا فعلًا فأخاف أن أستيقظ فعلًا لأنني أخاف أن يكون ذلك حقيقيًا!
أذكر الكثير من الكوابيس يا "رفعت".. بدءًا من تلك التي يهددني فيها مجهولون بفناء العالم، وصولًا إلى تلك الكوابيس الحقيقية والمنطقية لدرجة أنني أشعر أحيانًا أنني سأعيشها في المستقبل بلا شك، وأن هذا الكابوس هو مجرد بروفة لما سيحدث، وأنه حتمًا حين يحدث كل هذا الذي رأيته من قبل سيكون أقل رعبًا!
2016 May 30
أفكر منذ يومين في هذا الشعور يا "رفعت". هل ما يرعبني ألا يفهمني الناس؟ ألا يدركوا ما أعانيه فلا يساعدونني! أم ما يرعبني هو ذلك الشعور بالعجز؟
أكره الشعور بالعجز يا "رفعت"، وألعنه ألف مرة. فهمت مرارًا ما قاله دنقل: "حين ترينني عاجزًا.. تمني لي الموت فهو رحمتي الوحيدة"، أذكر تلك المرة حين ازداد وزني بشكل ملحوظ ومزعج بالنسبة لي. كنت أعرف أنه ازداد، وأسمع ملاحظات أمي بأنه ازداد، وأشعر بالغضب لأنه ازداد، وبالجنون لأنني عاجزة عن فقدان جرام واحد!
أفكر بتلك الأيام التي كدت أجن فيها لأنني عاجزة عن منع عقلي من التفكير في أمرٍ ما. عاجزة عن إيقاف هذه التروس التي تهدر بجنون في عقلي حتى أتخيل أنها لفرط جنونها ستفلت وتدمر جمجمتي.
أذكر تلك الليالي الطويلة التي سهرت فيها أحاول استعادة القطة من سطح البيت، ألعن عجزها عن سماعي وعن فهمي وعن الاطمئنان للمعبر الآمن الذي أمده إليها لتصبح بأمان، وألعن عجزي عن التوقف عن التفكير في ضرورة مساعدتها! أنا أخاف العجز يا "رفعت".. العجز هو أسوأ كوابيسي!
هل حكيت لك عن كوابيسي من قبل يا "رفعت"؟ أنا أتمتع بخبرة طويلة فيها حتى أنني في بعض الأيام أفتقدها. كان الخوف من أن ينسوني ويتركوني ورائهم هو أول كوابيس الطفولة. ربما كان يعكس شعورًا ما بالإهمال بأنني هامشية وأنه من السهل أن يحدث أي شيء دون أن يلحظ أحد غيابي.
كان هذا الكابوس يتكرر يوميًا حتى أنه لم يعد مخيفًا. يرحل الجميع ويتركونني في البيت الذي لم أحبه أبدًا وحدي، وأحدهم يطاردني بسكين الفاكهة الخضراء التي لم أحبها أبدًا. وأنا محاصرة هناك في ذلك الشارع الذي يمثل في عقلي الباطن المنفى.
في أيامٍ أخرى يا "رفعت"،كان الكابوس هو أنني خرجت من البيت فعلًا وأعجز عن العودة إليه مجددًا، ذلك البيت المقبض الذي لا أحبه كان يتحول إلى حلم لي أبذل الكثير من المجهود والمغامرة كي أدخله.
أما الكابوس الذي لا يزال يلاحقني حتى الآن، هو الغرباء الذين يحاولون اقتحام البيت ويفلحون في ذلك فعلًا وأحاول أن أختبئ في كل بقعة فيه وأستيقظ في كل مرة وهم على بعد خطوات مني.
أتذكر الآن يا "رفعت"، الكابوس الأسوأ لي. كنت أحلم مرارًا بأن هؤلاء الذين أعرفهم ليسوا هم من أعرفهم. وأن كيانًا غامضًا ومخيفًا يسكن أجسادهم. كان الكابوس قاسيًا لدرجة أنه يفجعني في أقرب المقربين مني، أتذكر حتى الآن شعوري بالرعب وأنا أكتشف في الحلم أن أختي ليست أختي ولا أمي ولا أخي، كان الكابوس يزعزع بكل قسوة آخر خطوط أمانيّ!
أذكر كابوس السقوط يا "رفعت"، والتشبث بأحبال الغسيل المهترئة. مرة أنجو ومرة أسقط ومرات أظل عالقة في المنتصف مرعوبة حتى من أن يمسني الهواء ويدفعني للسقوط وأتذكر أن هذا كان أقسى كثيرًا من السقوط الحقيقي.
أتذكر أيضًا كوابيس موتي. كان أكثر ما يوجعني هي تلك اللحظات الأولى بعد أن أفارق الحياة. حين أسمع كل ما يدور حولي وأعجز عن الكلام وعن الرد، أو حتى عن البكاء عليّ!
أذكر الأقسى، ذلك الكابوس المركب لرحيل من أحبهم. الليلة الأولى بعد رحيلهم، حين أنام وأحلم بأنهم لا يزالوا هناك، وأبكي طويلًا حين أستيقظ لأجده مجرد حلم وأنهم رحلوا فعلًا فأخاف أن أستيقظ فعلًا لأنني أخاف أن يكون ذلك حقيقيًا!
أذكر الكثير من الكوابيس يا "رفعت".. بدءًا من تلك التي يهددني فيها مجهولون بفناء العالم، وصولًا إلى تلك الكوابيس الحقيقية والمنطقية لدرجة أنني أشعر أحيانًا أنني سأعيشها في المستقبل بلا شك، وأن هذا الكابوس هو مجرد بروفة لما سيحدث، وأنه حتمًا حين يحدث كل هذا الذي رأيته من قبل سيكون أقل رعبًا!
2016 May 30
0 تعليقات