يا "رفعت".. أريد أن أختبئ. أشعر كأنني دخلت الفيلم بعد ساعة من بدئه، لا أفهم شيئًا سوى أن الجنون يسيطر على الجميع. البداية الهادئة المحببة فاتتني وأنا الآن في ذروته. أتمنى لو أختبئ.. لو يغشى علي أو ببساطة أغفو حتى ينتهي هذا الفيلم ويبدأ آخر أعيشه من بدايته.
لم أفكر أبدًا في الانتحار يا "رفعت". أنا أحب الحياة مهما كانت بائسة. لكنني أفكر كثيرًا في الهرب.
أتمنى لو أن البدايات في بلادنا سهلة لهذه الدرجة التي نراها في الأفلام. يراودني شعور الطفولة، ذلك المأزق حين تتلوث الورقة الوحيدة المتبقية في كراس الجغرافيا ذات الورق الخفيف الهش بمحاولاتي المرتبكة لرسم خريطتي الأولى. أمسح ما خططته بالرصاص برفقٍ ولكنني لا أزال أرى الخطوط القديمة واضحة.
أتذكر يا "رفعت"، ذلك الشعور الذي كان يراودني في سنوات الطفولة وأنا أرسم أو أكتب بالرصاص، المحاولة الأولى تكون واثقة أكثر من اللازم، وحمقاء أكثر من اللازم أيضًا.
أكون مطمئنة لأن الكتابة بالرصاص قابلة للمحو، ولكنني لا أدرك إلا بالتجربة أن ذلك الحفر الغائر الذي يتركه خطنا الواثق أكثر من اللازم غير قابل للمحو. تأتي المحاولة الثانية أكثر خفة، والثالثة أخف، في الرابعة أتردد أصلًا قبل أن ألامس الورقة بالقلم.
أشعر بالضجر، أريد أن أهد كل شيء وأبدأ من جديد. هكذا أفعل دائمًا، أهرب من محاولات الإصلاح والترميم وأستسهل البدء من جديد. أود لو أن ما أفعله في لعبتي المفضلة يمكن أن يتكرر في الحياة، حين أرى أن الأمور لم تعد تسير على ما يرام أنهي اللعبة فورًا وأعيد المحاولة في ظروف أخرى، أو على الأقل في رقعة أخرى، أو أمام أعداء آخرين.
أنا متعبة يا "رفعت". أدور في حلقة مفرغة من السخط واليأس والإحباط والأمل. حلقة مفرغة من الغضب غير المكتمل، طوال الوقت قلبي يشبه قداحة نصف فارغة، يشتعل بشرار قصير عاجز عن أن يلامس الغاز فيشتعل، ومتتالٍ متعب لا يسمح لي أن أهدأ ولو كجثة باردة.
عيوني مطفأة يا "رفعت"، وكل ما أتمناه أن أحصل على فرصة لأشبع من نفسي، لأن أتكور عليها في ركن هادئ، أربت على كتفي بنفسي أو أحتضنني. أخبرني أنه لا بأس، وأن كل هذا سيمر، وأنه حين يمر لن ينقلني للأسوأ.
أشعر أن تلك النزعة لعدم الانتماء لأي مكان أو كيان أو شخص داخلي سببها سفر طويل مقدر لي في المستقبل، أو أتمنى ذلك.
لم أفكر أبدًا في الانتحار يا "رفعت". أنا أحب الحياة مهما كانت بائسة. لكنني أفكر كثيرًا في الهرب.
أتمنى لو أن البدايات في بلادنا سهلة لهذه الدرجة التي نراها في الأفلام. يراودني شعور الطفولة، ذلك المأزق حين تتلوث الورقة الوحيدة المتبقية في كراس الجغرافيا ذات الورق الخفيف الهش بمحاولاتي المرتبكة لرسم خريطتي الأولى. أمسح ما خططته بالرصاص برفقٍ ولكنني لا أزال أرى الخطوط القديمة واضحة.
أتذكر يا "رفعت"، ذلك الشعور الذي كان يراودني في سنوات الطفولة وأنا أرسم أو أكتب بالرصاص، المحاولة الأولى تكون واثقة أكثر من اللازم، وحمقاء أكثر من اللازم أيضًا.
أكون مطمئنة لأن الكتابة بالرصاص قابلة للمحو، ولكنني لا أدرك إلا بالتجربة أن ذلك الحفر الغائر الذي يتركه خطنا الواثق أكثر من اللازم غير قابل للمحو. تأتي المحاولة الثانية أكثر خفة، والثالثة أخف، في الرابعة أتردد أصلًا قبل أن ألامس الورقة بالقلم.
أشعر بالضجر، أريد أن أهد كل شيء وأبدأ من جديد. هكذا أفعل دائمًا، أهرب من محاولات الإصلاح والترميم وأستسهل البدء من جديد. أود لو أن ما أفعله في لعبتي المفضلة يمكن أن يتكرر في الحياة، حين أرى أن الأمور لم تعد تسير على ما يرام أنهي اللعبة فورًا وأعيد المحاولة في ظروف أخرى، أو على الأقل في رقعة أخرى، أو أمام أعداء آخرين.
أنا متعبة يا "رفعت". أدور في حلقة مفرغة من السخط واليأس والإحباط والأمل. حلقة مفرغة من الغضب غير المكتمل، طوال الوقت قلبي يشبه قداحة نصف فارغة، يشتعل بشرار قصير عاجز عن أن يلامس الغاز فيشتعل، ومتتالٍ متعب لا يسمح لي أن أهدأ ولو كجثة باردة.
عيوني مطفأة يا "رفعت"، وكل ما أتمناه أن أحصل على فرصة لأشبع من نفسي، لأن أتكور عليها في ركن هادئ، أربت على كتفي بنفسي أو أحتضنني. أخبرني أنه لا بأس، وأن كل هذا سيمر، وأنه حين يمر لن ينقلني للأسوأ.
****
منذ أكثر من أسبوع يا "رفعت"، أنام بعمق مثير للدهشة، ولكنني لا أشعر بالراحة. دائمًا أنا متعبة أريد أن أنام أكثر وكأنني أغرق في ثقب أسود. منذ أكثر من أسبوع وأنا لا أحلم. أو ربما لا أتذكر أحلامي، وهذا شيء مزعج أكثر من الكوابيس المزعجة التي كانت تراودني أخيرًا.****
للمرة الأولى يا "رفعت"، شعرتُ بالخوف داخل البيت الخالي، وبالكآبة لتناول الطعام وحدي، والرغبة الحادة في البكاء دون سببٍ واضح. ورغم كل ذلك، أخطط في عقلي، تمامًا وكأنني مختلة، لتجارب ممتعة أنوي أن أخوضها في الأيام المقبلة.****
أشتاق للسفر جدًّا يا "رفعت". سفر طويل على طريقٍ، وجهةِ وصولٍ لم أرها من قبل. لرؤية أشخاص لا أعرفهم ولا يعرفونني ولا يرسمون لي أي صور ذهنية مسبقة. أشتاق لأن أسمح لتلك الشخصية التي أحبها داخلي أن تظهر، أن تسيطر عليّ وأن يحبونني لأجلها.أشعر أن تلك النزعة لعدم الانتماء لأي مكان أو كيان أو شخص داخلي سببها سفر طويل مقدر لي في المستقبل، أو أتمنى ذلك.
26 June 2016
0 تعليقات