أنا متعبة يا "رفعت"، كأنني أسير منذ ألف عام في حقل ألغام ممتد إلى المالانهاية. أعصابي المشدودة شعرة شعرة خشية المساس بواحد من ألغامه تتمنى كل ثانية لو ينفجر أحدهم بدلًا من أن أعيش خوف انفجاره ألف مرة. في كل مرة أتخطى واحدًا وأجد نفسي لا أزال هنا أشعر بالخيبة.
أنا مستهلكة يا "رفعت"، لدرجة أنني لا أجد وقتًا ولا روحًا لأكتب لك. عشرة مرات سابقة، وطوال شهر كامل وأكثر كنت أحاول أن أكتب لك ولكنني فشلت، وهذه المرة الحادية عشرة.
كوابيس الكلام المحبوس في حنجرتي وصوتي الذي لا يسمعه أحد عادت أثناء نومي من جديد، ولكن المرعب أنني هذه المرة أعيشها في كل وقت. عاجزة عن الشكوى عن الصراخ أو التعبير أو حتى الوصول لذلك الجزء الموجوع في قلبي، حتى بيني وبين نفسي.
قلبي عصيّ عليّ كطفل يصرخ ولا أفهمه. لست أمه لأحسه، أو يطمئن إليّ. وليس يخص غيري لأتجاهله لأن هناك من سيهتم به في النهاية. قلبي يراوغني كطفل يتيم أيقظوني من نومي ليضعوه بين يدي، وقالوا لي: "كوني أمه".
قرأت أحدهم يومًا كتب، أو ربما أنا كتبت، عن ذلك الشعور بغصة في مكان لا يصله شهيقك ولا زفيرك، كآخر نقطة عصير في العبوة المغلقة لا يمكن للشفاط القصير أن يصل لها ويخرجها وتظل هناك حتى تمل فترمي العلبة كلها، وبعدها تجف أو تتعفن.
أريد أن أصل لهذه النقطة الأخيرة في روحي يا "رفعت"، حيث يوجد الوجع. لا أريد أن أعالجه، لم أعد أحلم بذلك، أريد فقط أن أتعرفه.
14 Aug. 2016
0 تعليقات