هذه اللحظة ستمر يا "رفعت". أنا أعرف ذلك جيدًا، ولكنني لست واثقة مما يأتي بعدها هل سيكون سعيدًا أم أنني كالمعتاد، سأشتاق لهذه اللحظة على سخافتها وأردد مرة أخرى "على الأقل كنت نفسي"
مررت بالكثير يا "رفعت"، وحين أعيد النظر للوراء أجد نفسي حقًّا قطعت مسافة شاسعة. أشعر بالخوف يا "رفعت"، ذلك الخوف الذي ينتابك حين تذوب آخر ذرة من حماسك وشجاعتك للمضي نحو مكان مجهول، وقد قطعت مسافة طويلة جدًّا بعيدًا عن بيتك، عن أمانك ومنطقة راحتك، وتصبح تمامًا في منتصف الطريق، أو بعد المنتصف بقليل، أنت بعيد كثيرًا عن أمانك، وبعيد لمسافة غير معلومة عن هدفك، وكلا الطريقين يحملان نفس القدر من المخاطرة! والأسوأ من هذا أنك لست واثقًا حقًّا أنك تسير باتجاه ما تريده، أو أن ما تريده هذا سيمنحك ما تريد أو تشعر أنك لا تسير حقًّا ولكنك تدفع دفعًا نحو هذا الاتجاه، لست تنزلق من هاوية حتى، بسرعة وبألم أقل، وإنما يتم سحلك على جبل مليء بالنتوءات والشوك! ولا تعرف كم تبعد قمته ولا حتى ما ينتظرك عند تلك القمة.
هل يستحق الأمر كل هذا التفكير حقًّا؟ هل ينبغي أن نأخذ الحياة بهذه الجدية؟ هل هؤلاء الكبار المخيفين بهذه الخطورة حقًّا؟ أم كما قال "عماد أبو صالح":
"دائمًا يتواطأ الهواء معهم
وينفخ جلابيبهم
لكي يظهروا في عيوننا الصغيرة
أضخم من حقيقتهم."
هل ينبغي أن نفكر بهذا القدر في أنفسنا يا "رفعت"؟ هل يجب أن نعرفها ونقترب منها لهذه الدرجة؟ أم فقط يكفي أن نعرف ماذا نريد؟
حسنًا. في هذه اللحظة أنا أعرف ماذا أريد، ولكنني لا أعرف فعلًا هل أريده للدرجة التي تجعلني أصل له كما وصلت لغيره؟
اليوم، شاهدت فيلمًا مرعبًا، يصنف كفيلم غموض لكنه أكثر رعبًا من أسوأ أفلام الرعب بالنسبة لي، الفيلم يحمل اسم A Good Marriage بعد أول خمس دقائق منه، تكتشف الزوجة التي أمضت مع زوجها قرابة 25 عامًا أو 30، لا أذكر بالتحديد، أن زوجها الطيب المحبوب الذي تهيم عشقًا فيه ويعيشون معًا حياة مثالية للغاية، قاتل متسلسل.
هل تدرك المأساة يا "رفعت"؟ 30 عامًا تحت سقف واحد لا تكون أحيانًا كافية لأن تعرف الشخص الذي تواصل حياتك معه، لا يخفي كل منا قاتل متسلسل داخله بالطبع، ولكن هذا يذكرني بالتحديد بالشعور الذي كان يراودني في طفولتي، حين أجد نفسي فجأة أتساءل في الفصل كمن استيقظ لتوه من الغيبوبة، أين أنا؟ ومن هؤلاء؟ وماذا يجعلني أثق بهم هكذا لأجلس على تلك المسافة بينهم؟
هل هذا توحد أو اغتراب يا "رفعت"؟ لا أعرف. ولكنني أريد أن أبكي. كل يوم أكتشف شيئًا جديدًا، أحيانًا يكون تافهًا، ولكنه يفزعني.. يجعلني أشعر بالغربة، أشعر أنني لا أنتمي لأي مكان أو شخص، أشعر طوال الوقت نفس شعور بطلة الفيلم، وهي تنام لليلة الأولى إلى جوار زوجها الذي اكتشفت لتوها أنه قاتل متسلسل.
هل تعرف ما هو الأسوأ من اكتشافها يا "رفعت"؟ حين تضطر أن تخبر الناس بذلك، حين لا يصدقونها، وحين يكتشفون أن ما تقوله معناه ببساطة أنها كانت طوال ذلك الوقت أكبر حمقاء في العالم، أما ما هو أسوأ على الإطلاق، هو ما فعلته بطلة الفيلم يا "رفعت"، حين قررت أن تتخلص منه دون أن تكشف للآخرين شيئًا!
هذا هو الأكثر إيلامًا على الإطلاق، أن يقتلك أحدهم معنويًا كل يوم، بدمٍ بارد وبكل هدوء وهو يعلن للجميع كل لحظة كم يحبك، ويرى الآخرون كم أنت محظوظ به، وحين تكتشف الحقيقة، يكون كبلك بكل هذا الحب المعلن أمام الآخرين، والأسوأ هو أنك تكره نفسك حين تضطر لقتله، دفاعًا عن النفس، الأسوأ أنه يجبرك أن تشبهه بشكل ما، أن تلعب وفق قواعده لأن قواعدك لن تقودك للانتصار أبدًا!
لا عليك يا "رفعت". كل شيء يمر. حتى تلك اللحظة، حتى شعورك بأنك تكره نفسك، حتى خوفك من أن تشبهه، حتى اللحظة التي تكتشف فيها أنك، للأسف، أصبحت تشبهه.
كل شيء يمر يا "رفعت"، حتى نحن وكل ما نعنيه لهذا العالم.
مررت بالكثير يا "رفعت"، وحين أعيد النظر للوراء أجد نفسي حقًّا قطعت مسافة شاسعة. أشعر بالخوف يا "رفعت"، ذلك الخوف الذي ينتابك حين تذوب آخر ذرة من حماسك وشجاعتك للمضي نحو مكان مجهول، وقد قطعت مسافة طويلة جدًّا بعيدًا عن بيتك، عن أمانك ومنطقة راحتك، وتصبح تمامًا في منتصف الطريق، أو بعد المنتصف بقليل، أنت بعيد كثيرًا عن أمانك، وبعيد لمسافة غير معلومة عن هدفك، وكلا الطريقين يحملان نفس القدر من المخاطرة! والأسوأ من هذا أنك لست واثقًا حقًّا أنك تسير باتجاه ما تريده، أو أن ما تريده هذا سيمنحك ما تريد أو تشعر أنك لا تسير حقًّا ولكنك تدفع دفعًا نحو هذا الاتجاه، لست تنزلق من هاوية حتى، بسرعة وبألم أقل، وإنما يتم سحلك على جبل مليء بالنتوءات والشوك! ولا تعرف كم تبعد قمته ولا حتى ما ينتظرك عند تلك القمة.
هل يستحق الأمر كل هذا التفكير حقًّا؟ هل ينبغي أن نأخذ الحياة بهذه الجدية؟ هل هؤلاء الكبار المخيفين بهذه الخطورة حقًّا؟ أم كما قال "عماد أبو صالح":
"دائمًا يتواطأ الهواء معهم
وينفخ جلابيبهم
لكي يظهروا في عيوننا الصغيرة
أضخم من حقيقتهم."
هل ينبغي أن نفكر بهذا القدر في أنفسنا يا "رفعت"؟ هل يجب أن نعرفها ونقترب منها لهذه الدرجة؟ أم فقط يكفي أن نعرف ماذا نريد؟
حسنًا. في هذه اللحظة أنا أعرف ماذا أريد، ولكنني لا أعرف فعلًا هل أريده للدرجة التي تجعلني أصل له كما وصلت لغيره؟
اليوم، شاهدت فيلمًا مرعبًا، يصنف كفيلم غموض لكنه أكثر رعبًا من أسوأ أفلام الرعب بالنسبة لي، الفيلم يحمل اسم A Good Marriage بعد أول خمس دقائق منه، تكتشف الزوجة التي أمضت مع زوجها قرابة 25 عامًا أو 30، لا أذكر بالتحديد، أن زوجها الطيب المحبوب الذي تهيم عشقًا فيه ويعيشون معًا حياة مثالية للغاية، قاتل متسلسل.
هل تدرك المأساة يا "رفعت"؟ 30 عامًا تحت سقف واحد لا تكون أحيانًا كافية لأن تعرف الشخص الذي تواصل حياتك معه، لا يخفي كل منا قاتل متسلسل داخله بالطبع، ولكن هذا يذكرني بالتحديد بالشعور الذي كان يراودني في طفولتي، حين أجد نفسي فجأة أتساءل في الفصل كمن استيقظ لتوه من الغيبوبة، أين أنا؟ ومن هؤلاء؟ وماذا يجعلني أثق بهم هكذا لأجلس على تلك المسافة بينهم؟
هل هذا توحد أو اغتراب يا "رفعت"؟ لا أعرف. ولكنني أريد أن أبكي. كل يوم أكتشف شيئًا جديدًا، أحيانًا يكون تافهًا، ولكنه يفزعني.. يجعلني أشعر بالغربة، أشعر أنني لا أنتمي لأي مكان أو شخص، أشعر طوال الوقت نفس شعور بطلة الفيلم، وهي تنام لليلة الأولى إلى جوار زوجها الذي اكتشفت لتوها أنه قاتل متسلسل.
هل تعرف ما هو الأسوأ من اكتشافها يا "رفعت"؟ حين تضطر أن تخبر الناس بذلك، حين لا يصدقونها، وحين يكتشفون أن ما تقوله معناه ببساطة أنها كانت طوال ذلك الوقت أكبر حمقاء في العالم، أما ما هو أسوأ على الإطلاق، هو ما فعلته بطلة الفيلم يا "رفعت"، حين قررت أن تتخلص منه دون أن تكشف للآخرين شيئًا!
هذا هو الأكثر إيلامًا على الإطلاق، أن يقتلك أحدهم معنويًا كل يوم، بدمٍ بارد وبكل هدوء وهو يعلن للجميع كل لحظة كم يحبك، ويرى الآخرون كم أنت محظوظ به، وحين تكتشف الحقيقة، يكون كبلك بكل هذا الحب المعلن أمام الآخرين، والأسوأ هو أنك تكره نفسك حين تضطر لقتله، دفاعًا عن النفس، الأسوأ أنه يجبرك أن تشبهه بشكل ما، أن تلعب وفق قواعده لأن قواعدك لن تقودك للانتصار أبدًا!
لا عليك يا "رفعت". كل شيء يمر. حتى تلك اللحظة، حتى شعورك بأنك تكره نفسك، حتى خوفك من أن تشبهه، حتى اللحظة التي تكتشف فيها أنك، للأسف، أصبحت تشبهه.
كل شيء يمر يا "رفعت"، حتى نحن وكل ما نعنيه لهذا العالم.
3 Jan 2017
0 تعليقات