أشعر أنني أحاول أن أسبب أقل إزعاج ممكن لهذا العالم يارفعت وكأنني أخشى دائما أن أطرد منه لسوء أدبي. أضغط على نفسي دائما وأهمس لها " أنتِ الكبيرة" وأحاول أن أستوعب سبب غضب هذا وعدم لطف ذاك ووقاحة الثالث والأذى غير المبرر من الرابعة وبالكاد أجد من يستوعب تلك الأيام التي لا أقو فيها حتى على الابتسام.
أشعر بالذنب دائما حين يكون أحدًا في محيطي غاضبًا وكأن هذه مشكلتي وعليّ أن أتصرف وأحلها فورا حتى لو كان هذا الشخص الغاضب هو سائق الميكروباص الذي اكتشف أن أحدهم لم يسدد أجرته، فأشعر بالذنب والحرج وكأنني هذا المتهرب اللئيم.
راقبت نفسي في الفترة الأخيرة أيضا واكتشفت أنني أعتذر للكثيرين عن أشياء لست مسؤولة من الأساس عنها، أعتذر حتى لمن يجب عليهم أن يعتذروا لي وهذا ليس جيد.
أخبر نفسي أنني الكبيرة ولكنني أشعر بداخلي أنني لازلت طفلة صغيرة جدًا أودعها أبويها لدى الجيران وطالبوها أن تكون مهذبة جدًا لأنها مهما طالت إقامتها ليست إلا ضيفة!
وأنا أتصفح فيسبوك كتب أحدهم عن مدرب في ورشة ما أخبر الحضور في بداية الجلسة أنه ليس عليهم أن يكونوا لطفاء. قبل أن أعرف السبب والحكمة في تلك التدوينة اضطررت لمغادرة الميكروباص الذي كنت أركبه وضاعت مني القصة ولكنني انشغلت بالتفكير فيها: لو أن أحدهم أخبرني أنه بإمكاني ألا أكون لطيفة مع الآخرين هل أفعل ذلك؟ هل أخبر من يزعجونني بوضوح أنهم ضايقوني وأصارح المحيطين بي بعيوبهم؟ هل أخبر ثقيلي الظل بأن أحاديثهم سخيفة وأمتنع عن رسم تلك الضحكة القصيرة المجاملة؟ اعترفت لنفسي بوضوح أنني لن أفعل هذا أبدًا لا أملك هذه القوة على تحمل انكسار أحد أمامي ولو حتى بشكل سطحي وعابر. وهذا فعلا ليس جيد لأن هناك من يستحقون ذلك ليفيقوا ولأنني نفسي أستحق أن أشعر بأن سلامتي النفسية ومشاعري لها الأولوية على أي شيء آخر.
كنت أفكر كذلك في ذلك الكتاب الذي أخبرتنا عنه المدربة الألمانية Nice Girls Don’t Get the Corner Office وفكرت أن الأمر لا يقتصر على العمل فحسب وإنما ينسحب على العلاقات أيضًا، فحين تكون الشخص الطيب الذي يستوعب الجميع ولا يدقق في التفاصيل الصغيرة ولا يطلب اعتذارا عن كل ما يزعجه وحين يشعرون أنك ذو عقل كبير وتقدر دائما كل الظروف والحالات، لا تكون أولوية أبدا عند الآخرين. سيحبونك لأنك تريحهم ولكن في كل مرة يكون أمامهم الاختيار بينك وبين أي شخص آخر على قائمة اهتماماتهم لن تكون أبدًا على رأس القائمة حتى لو كانوا لا يحبون هذا الآخر.
0 تعليقات