إلى رفعت.. الرسالة 70

هل ينبغي أن أحذرك قبل أن تقرأ الرسالة يا رفعت أنني سأحرق لك أحداث فيلم شاهدته مؤخرًا وربما لم تشاهده أنت بعد؟ بالمناسبة أحب أن أحكي قصص الأفلام التي شاهدتها لأشخاصٍ أحبهم، أشعر وقتها أنهم كانوا إلى جواري على الأريكة ونحن نشاهد الفيلم ذاته وأن هذه الأفلام تنسج بيننا خيطًا مشتركًا، تجعلنا ننظر لبعض الأشياء من زاوية قريبة وتجعلنا نفهم بعضنا أسرع. المهم هذه الرسالة ستحرق أحداث فيلم أحببته وأرعبني وكانت دقائق مشاهدته ثقيلة جدًا على أعصابي رغم أنه أمتعني، وجعلني أفكر فيه طويلاً بعد مشاهدته.
في البدء كنت أشعر برعبٍ وخوفٍ ثقيل طيلة الفيلم وأنا أرى البطلة / الضحية تقترب جدًا من القاتل، تضع كامل ثقتها فيه بعد أن فقدت بصرها. ترتمي في أحضانه هربًا من القاتل المجهول الذي يهددها.
تشاركه الطعام والشراب والذكريات. تقبله وتحكي له عن زوجها الذي رحل لتوه دون أن تفهم، ودون أن تودعه بشكلٍ لائق.
كدت أصرخ عدة مرات وأنهرها "يا حمقاء. هو القاتل. هو من يهددك" ولكنها لم تدرك ذلك قبل فوات الأوان. كان حنانه يحاصرها بشكلٍ مرعب، وقاتل.

ولكن في النهاية، رغمًا عني وجدتني أتعاطف معه، وهو يكشف بغضب أنه يرتكب جرائمه انتقامًا من كل لم من يرونه في هذا العالم، وكل من لم يمنحونه الحب.
كان شخصًا عاديًا لدرجة أنه أصبح غير مرئي وهذا جعله غاضبًا جدًا وخطيرًا جدًا. لم يخبره أحدًا على الإطلاق أن به شيء واحد مميز، على الرغم من ذكائه الواضح في براعة تنفيذ جرائمه دون دليل واحد خلفه. ورغم حنانه الذي كان يقدمه لضحاياه لأيام وأسابيع طويلة قبل ارتكاب الجريمة.
تعاطفت معه كثيرًا يا رفعت. كان يشعر أن كل تلك العيون حوله، التي تعبره دون أن تراه، لم يعد لها أهمية. كان يشعر بأن الناس حين يغمضون عيونهم رغمًا عنهم، ويرون فقط ما هو قادر على تقديمه لهم يحبونه فعلاً ويدركون أهميته. فكان يفقدهم بصرهم للأبد.
نقع في هذا الفخ كثيرًا، فنكون مرة الضحية ومرة الجلاد. نغمض عيوننا عن أشخاص قريبون جدًا لكننا لا نرى منهم إلا تلك الصورة التي رسمناها مسبقًا لهم، ثم نبكي لأن أحدهم يعجز عن رؤيتنا لأن صورة ما لنا في عيونه تقف حاجزًا بيننا، نبكي ونغضب لدرجة أننا نتمنى لو تمكننا، كقاتلنا هذا، أن نفتح عيونه على وسعها، نقشر تلك الصورة المزيفة لنا داخلها، ونجعله يرانا!