كيف حالك يا صديقي الطيّب؟ افتقد الكتابة إليك كثيرًا. لا يمكنني أن أقول أفتقدك لأنني طيلة الوقت أفكر بك. أفكر في أنك لم تخيب ظني. كانت الكتابة إليك ملجأي وملاذي حين شعرت بالضياع والوحدة وبأنني لا أملك أي شيء. حين شعرت أنني عاجزة ولا أعرف ماذا أفعل ففكرت في الكتابة إليك ولم أتخيل أبدًا أن تحقق الكتابة كل هذه المعجزات!
اعتدت على رسائلي الكئيبة المختنقة بالدموع والحيرة، ولكنني اليوم على العكس، آتيك مغمورة بالمحبة والرضا. أشعر بأن كل الدعوات الصادقة التي تمنت لي الجبر والرضا تحققت فجأة، لدرجة أنني غُمرت بالمحبة حتى من كلبة ضالة في الطريق، كنت ألتقيها لأول مرة وأصرّت على مصاحبتي عشرات الأمتار، دون أن أسقيها أو أطعمها ودون أن أقدم لها أي شيء. غمزت لي بعينيها البنية الآسرة ومشت بمحاذاتي في الشارع المزدحم. تعمدت أن أتلكأ كي أتأكد أنها فعلاً تريد صحبتي أم أن الأمر مجرد صدفة ففوجئت بها تتوقف وتتلفت حولها بحثًا عني ثم انتظرتني لألحق بها وواصلت مشيها بمحازاتي.
كتبت منذ أسابيع تدوينة تقطر مرارة على مدونتي القديمة، لأنني خجلت من أن أبدو بهذا الضعف لكل من يمر بحسابي على فيسبوك. فوجئت بالمحبة تغمرني من أصدقاء قدامى فوجئت أنهم لا يزالوا يتابعون المدونة. وباتصالات محبة وداعمة من كثيرين لا أعرف هل قرأوا ما كتبت أم أن أرواحهم استقبلت رسالة استغاثتي بالصدفة.
قبل أسابيع كنت أشعر بالقلق والكثير من الإحباط والعشرات من الأفكار التعيسة الحزينة تراودني. فوجئت بهاتفي يدق وباسم أحد أساتذتي في الجامعة يضيء. مجرد مكالمته في حد ذاتها شحذتني بالطاقة، أعادتني لتلك الفتاة الصغيرة الطموح المليئة بحماسة العالم التي كنتها في الجامعة. منحني من وقته الكثير وشجعني وفوجئت به يجيب دون أن أنطق على كل مخاوفي وتساؤلتي المؤرقة ويربت عليّ بكلماته الداعمة حتى كدت أطير.
تعرف بالطبع أن روايتي الأولى نشرت مؤخرًا. سيدهشك كم المفارقات والمصادفات التي صاحبت خروجها للنور. وكم الأشخاص الذين أحبهم بصدق وعرفتهم منذ سنوات طويلة الذين صاحبوا خطوات تحقق الحلم. شعرت بالطمأنينة تغمرني بأنني بين أشخاص يعرفونني ويحبوني بصدق، على أي صورة كنتها. أنا راضية يا رفعت لدرجة أنه حين خابت محاولة جديدة وقوبلت برفض جديد لم أبك وأحزن وأرفس الأرض كما فعلت مرارًا. تقبلت الأمر ببساطة وداخلي يقين أن كل شيء أتمناه سيحدث بالتأكيد في يومٍ ما. وأنا الآن في انتظار ذلك اليوم.
كن بخير يا صديقي المفضل. أنا أخيرًا بخير.
0 تعليقات