كيف حالك يا صديقي الطيب؟ أحاول هذه الأيام استعادة شغفي بالقراءة بإعادة الاستماع إلى حكاياتك مرة أخرى. أتحايل على الأيام التي أكون فيها متعبة ومرهقة وعقلي عاجز عن استيعاب حرف واحد بأن ألتهم سطورًا سبق وقرأتها وأضمن أنني أحبها. أعيد استكشاف عالمك مرة أخرى، وأنا أحاول الالتزام بتحدي القراءة الذي ربما سمعت عنه وربما أعاد إليك المزيد من الرفاق في نفس التوقيت. أراهن نفسي أنك شعرت بالقلق والتوجس من الزيارات المفاجئة المتواترة في توقيت واحد، حتى فهمت السر فهززت رأسك ساخرًا من حيل الصغار التي نقوم بها في محاولة كسب التحدي.
أنا صديقة قديمة يا رفعت وبالتأكيد تعرف نظريتي عن الفوز والمسابقات. لا أفوز أبدًا في أي مسابقة لهذا أصبحت أعفي نفسي من حرج المنافسة وخيبة الأمل، ولكنني فعلاً أتمنى أن ألتزم بهذا التحدي وأستعيد القدرة على القراءة كل يوم لوقت لا بأس به مهما كانت الأحوال والظروف.
المهم أنني كنت أقرأ بالأمس مغامرتك مع حارس الكهف، ووقفت عند هذه العبارة "ليتذكر كل من يسقط فى هذه الرمال المخلخلة، أن عليه ألا يحاول الصعود فى حركات هستيرية تزيده غوصًا. فقط يحاول أن يطفو على ظهره ويسترخى تمامًا". ضحكت وأنا أتذكر ما كنت أحكيه لأصدقائي ساخرة، عن أنني ظللت لسنوات طويلة منذ طفولتي، محتفظة بهذه المعلومة التي لا أعرف أين قرأتها للمرة الأولى، وكأنها سر من أسرار الكون العظمى وأهم ما يجب أن أعرفه لأنقذ حياتي، بينما أنا في الحقيقة لا أغادر بيتنا إلا للمدرسة.
قرأتها اليوم بشكل مختلف، تذكرت محادثة استوقفتني مع صديقة قديمة، قالت إنها فخورة بقدرتي على التأقلم مع ظروف وأشخاص مختلفين عني بشدة دون أن أتماهى معهم وأفقد هويتي وأتغير. لمست عبارتها هاجسًا كثيرًا ما يراودني - حتى أنني حدثتك عنه في رسائل قديمة - فرحت بما قالته، وتناقشنا في الأسباب؛ ولكن حين تأملت العبارة في حكايتك وتذكرت المعلومة القديمة شعرت أن ربما هذا ما حدث. ربما نجوت من الرمال المتحركة ولم تتمكن من ابتلاعي لأنني لم أحاول الخروج منها بحركات هستيرية! ربما حالة التبلد التي أندهش منها في المواقف الصعبة هي ما ينقذني فعلاً لأن الذعر لن يزيد الأمور إلا سوءًا؟ ربما يكون كل ما نحتاجه في بعض الأوقات الثقيلة السيئة هو فقط أن نتوقف عن السباحة ونطفو بهدوء حتى ننجو بشكل ما؟ أظن أنني سأعيد هذه المعلومة لمكانها القديم في عقلي كواحدة من أهم أسرار النجاة!
0 تعليقات