لا أحد يقول الحقيقة عن الحب أبدا. كأن هناك اتفاقا سريا بين كل من عرفوا سر نجاحه أن يخفوه للأبد. نحكي كثيرا عن الخيبات، عن كل الطرق التي سلكناها ولم يكن علينا أن نفعل. عن كل العيوب التي قادته إلى الموت المبكر أو حتى البطيء؛ لكننا لا نتحدث أبدا إذا نجح الأمر، وكل من يحاول الحديث عنه نراه متباهيا مدع غير صادق.
أحاول اكتشاف السر، أن أتعلمه من أشياء أقرب، وربما أصدق. أرى الحب مرة كنبتة. اسأل: ماذا يحتاج النبات ليعيش؟ أجيب من واقع التجربة: الكثير من الرعاية ونسبة كافية من الضوء وكل الوقت اللازم. أشبه الاهتمام بالماء. كل نبتة تحتاج قدرا مختلفا من الماء، كما تحتاج كل علاقة قدر مختلف من الاهتمام. قدرا يناسبها. لا توجد قاعدة واحدة تسري على الجميع. القاعدة الوحيدة هي أن الإفراط في الماء كالبخل به، كلاهما قاتلان. بعض النباتات قادرة على احتمال إهمالك لبعض الوقت، تذبل، تذوي، لكنها بمجرد أن ترويها مرة أخرى تزدهر كأن شيئا لم يكن. بعض النباتات يكفيها خطأ واحدا لتموت للأبد.
أقف لأطهو، فأرى الحب طبخة تحتاج لتنجح نية طيبة ومقادير دقيقة والوقت المناسب. في مرحلة تحتاج التمهل، كل استعجال في تحضيرها أو نضجها ينفضح بالكامل من أول قضمة، فهي بكل بساطة تكون "ماسخة". تحتاج كل أكلة وقت كاف لتنسجم مكوناتها بذلك الشكل السحري الذي يمنحها القليل من النكهة ويحتفظ في الوقت نفسه بمذاقها الأصلي. تحتاج كل أكلة للتوابل أو البهارات الصحيحة. من العبث أن تأكل اللحوم الحمراء أو السمك بتوابل الدجاج، هل تتخيل الطعم؟ سيكون المذاق مشوها بالطبع، حتى أنفك سترتبك.
أتعلم الكثير من الدروس عن الحب من قططي. أعشق استقلاليتها، دلالها، ثقتها بنفسها، واهتمامها بها كأنما الكون كله يدور حولها. أرى الحب على طريقتهم بسيطا ومباشرا ومريحا لجميع الأطراف. في هذه اللحظة أريد قربك فأقترب، في لحظة أخرى يكفيني أن أكون في نفس الغرفة التي يدور بها ذات الهواء الذي تتنفسه. أغار فأخمشك، أريد الاهتمام فأطلبه، يتقلب مزاجي فلا أتكلف الابتسام. يتحسن فأملأ الدنيا مرحا. الحب على طريقة القطط لا يعترف بالمعايير ولا القوانين، يتطلب فقط أن تتبع حدسك وتتمتع بالكثير من الثقة في أنك تستحق الحب.
سارة درويش
17 يونيو 2022
0 تعليقات