أفكر يا رفعت وقد طال الجدب، ماذا لو قايضتني الحياة على الكتابة؟ "كوني امرأة سعيدة ولكن لن تكتبي أبدًا". ماذا أختار؟
قلت يومًا إنني أكتب لأن الحروف رئتي الثالثة. وحين اسأل نفسي لماذا أكتب؟ ما هو هدفي؟ أجيب دون تردد: أكتب لأعيش. أكتب لأكون هنا. ولكن ماذا لو أن هذا حدث فقط لأنه لم يكن لدي خيارات أخرى؟ ماذا لو أنني أتخيل دائما أنني فضلت الكتابة على كل شيء آخر ولكن الحقيقة هي أنه لم يكن لدي سواها؟
أكتب أو أكون امرأة سعيدة؟ أفكر في الإجابة مرارا فلا يخطر ببالي إلا سؤال آخر: وهل أكون سعيدة فعلا إذا لم أكتب؟ هل أكون أنا؟
لسنوات كان الغضب والحزن والألم وقودي للكتابة. أتصبر ببضعة حروف على كل الهزائم فأشعر بشكل ما حين ألفظ كل وجعي في نص، أنني خرجت من المعركة - رغم كل الخسائر - منتصرة. تحولت نصوصي إلى تذكارات حرب، أعلقها أمام عيني كدولاب بطولات يذكرني بكل ما مررت به ونجحت في تجاوزه. يذكرني حتى بكل الألم المتخيل الذي عشته في رأسي كي أتوقف عن الخوف منه أو انتظاره.
أفكر بقلق: عما أكتب لو أنني صرت امرأة سعيدة؟ هل أكتب عن غرابة مذاق الفرح في فم اعتاد المرارة أم عن الخوف الطويل من خسارته بعدما نلته أخيرا؟ الخوف من اعتياد راحة الفراش الوثير، التي لا شيء يضمن ألا تكون مؤقتة.
تجيبني نفسي: لا شيء يستدعي كل هذا القلق، لا الفرح يدوم ولا الحزن يزول إلى الأبد. يمتزج داخلي الأسى بالراحة وأنا أدرك أن الصفقة مستحيلة، يصعب أن تصبح من تملك هذه الطاحونة في رأسها امرأة سعيدة!
0 تعليقات