"It's not about You"
تقولها صديقتي في محاولة لمواساتي. "لستِ المقصودة بهذا. لا يتعلق الأمر بكِ. يمكن أن يحدث هذا لأي شخص مكانك. وسيحدث بالتأكيد لآخرين غيرك". يؤكدها لي المعالج، وتكررها النصائح النفسية المتناثرة على السوشيال ميديا "لسلامتك النفسية، لا تعتبر الأمر شخصيًا". ويحتج قلبي على الفكرة، فلا تفلح العبارة أبدًا في مواساتي. لم يكن الأمر عني أبدًا وليته كان! تمر المحبة كما الأذى عبري. يتم تجاوزي تمامًا كما يحدث في طابور التذاكر المزدحم. قيمتي في المعادلة صفرية أو حتى أسوأ. قيمتي لا شيء. يمكن استبدالي بأي قيمة أخرى ولن تتغير النتيجة إطلاقًا. ولكن هذا لا يحميني من الأذى. الأذى حتى من المحبة! لا أفلح في إغماض عيني عن التساؤل: هل هذا الحنان لأجلي حقًا؟ هل أنا المقصودة بهذه المحبة؟ أم ألحت عليهم كلبن أم فقدت رضيعها وتحتاج من تفرغه عليه لأن الاحتفاظ به أكثر صار مؤلماً؟
هل أنا مرئية حتى؟
يخبرني أن المحبة كلها ـ حتى أصدقها ـ في جوهرها أنانية ما. نريد قرب من نحب لأن هذا يسعدنا. نحب إسعادهم لأن هذا يرضينا. نقبل حتى بالألم منهم، لو أننا نستعذب الألم ونحب دور الشهيد أو الضحية. أعرف أن ما يقوله صحيحًا. توصلت للنتيجة نفسها منذ فترة بالفعل. وأعرف أن حتى غضبي هذا أنانيًا ومغرورًا.
"لا يتعلق الأمر بك. لستِ المقصودة بهذا الأذى".
يعتذرون ويؤكدون أنهم لم يتعمدوا إيلامي أو إزعاجي بتصرفاتهم. ولكن هل يعرفون أن أسوأ ما حدث أنهم لم يفكروا فيّ من الأساس وهم يتصرفون بهذه الطريقة؟
تعلق صديقة على فكرة طرحتها على السوشيال ميديا، وتقول إن غالبية من يبحثون عن إجابات لأسباب ارتكاب الجرائم بحقهم أو بحق أحبائهم، يبحثون عن أي إجابة إلا الحقيقة. لا يمكنهم قبول فكرة أن حياة تهمهم ذهبت هباءً لا لشيء إلا لأن مخبول ما أراد إزهاق حياة. أي حياة!
يفسد لص أحمق حياتي فيحاولون طمأنتي ومواساتي. يخبرونني أنني لم أكن أبدًا المقصودة. لا يواسيني ذلك. فالحقيقة أن هذا بالتحديد أكثر ما يغضبني. أنا من أدفع الثمن صدفة. لم أرتكب خطأ فأتقبل بالتالي أن أتحمل عواقبه وتبعاته. يفزعني هذا لأنه يعني دائمًا أن ليس بوسعي فعل أي شيء لتجنب الأذى! لم يكن مسببًا. كان عشوائيًا مجنونًا ولا يتبع أي منطق.
أعرف أن النضج يقتضي تقبل أن الأشياء تحدث. الجيدة والسيئة. تحدث لمجرد أنها تحدث. أنني جزء ضئيل جدًا من الصورة الكبيرة. وأنه يقتضي كذلك ألا أقف كثيرًا أمام الأسباب والدوافع وأعرف أن دوري يبدأ من رد فعلي على تلك الأشياء التي تحدث، ولكن من قال إن ذلك النضج يمنع تلك الغصة والألم في قلبي؟
0 تعليقات